تاريخ الكنيسةانسانياتتاريخ الفكرفلسفة و علم نفسلاهوت ادبيوثائق

كتاب جمهورية اشتراكية مسيحية –  اليسوعيون  وهنود البراكواي البرتو ارماني  – تحميل الكتاب pdf

كتاب جمهورية اشتراكية مسيحية –  اليسوعيون  وهنود البراكواي البرتو ارماني  – تحميل الكتاب pdf

gomhorya ashtrakya masi7ya

 

كتاب جمهورية اشتراكية مسيحية 

اليسوعيون  وهنود البراكواي 

البرتو ارماني 

نقله عن الايطالية د كميل اسكندر حشيمة 

دار المشرق 

 

 

 في قلب امريكا الجنوبيه في منطقه واسعه الارجاء تقاسمها اليوم الارجنتين والبرازيل والبركواي، تمت، بين مطلع القرن السابع عشر ومنتصف الثامن عشر تجربه حضارية فريده من نوعها فقد اوكلت الحكومه الاسبانيه انذاك الى الرهبنه اليسوعيه مهمه نشر التمدن بين سكان البركواي الشرقي وهم قبائل الهنود الكواراني Guarani

بقيت هذا التجربه نسيج وحدها لا مثيل لها من حيث ابعادها ومدتها وعرفت-او أسيئت معرفتها- بدوله اليسوعيين في البركواي او بعباره اصح: دولتهم بين الكواراني. وقد شيدت الرهبنه اليسوعيه هذه الدوله بانشائها جهازا معقدا من القرى او الحواضر حيث دُفع الهنود الكوراني الرحل الى اعتناق حياه الحضر ،وحيث ازدهرت مدنيه مميزة اقترن فيها التقدم المادي بمنجزات فريدة في الميادين الاقتصاديه والاجتماعيه والثقافيه والدينيه وحتى العسكريه ودائمت هذه الدوله اليسوعيه مائة وخمسون عاما ونيفاً وانتهت بشكل مفاجئ ماساوي مع طرد الرهبان اليسوعيين من المستعمرات الاسبانيه بامر الملك كارلوس الثالث. الا ان الكواراني بقوا، وقد نجحوا-كمجموعة عرقيه-من الاباده خلال سنوات الاستعمار العصيبه، وذلك بفضل عمل المراسلين، وكان بقائهم هذا شهاده لحسن ما انجزه اليسوعيين واليوم يضم العنصر الكواراني غالبيه سكان البركواي ولغته تنافس اللسان الاسباني في البلد المذكور.

لقد تسببت دوله اليسوعيين بين الكواراني سواء خلال وجودها العسير او بعد زوالها من الوجود بصدور مؤلفات لاتحصى من النوع الصحفي والتعميمي وتوقفت اكثر ما توقفت عند الظواهر الفلكلوريه في حياه قبائل الكواراني. كما انها كانت موضوع اهتمام عدد كبير من ارباب السياسه والفكر من ساعوا الى تاويل ظاهره حواضر البركواي تاويلا مناسبا متحررين بنوع خاص ما يمت الي نظامها الاقتصادي الاجتماعي المطبوع بطابع الجماعيه وقد مرت عمليه التاويل هذا بعده مراحل:

المرحله الأولى:-تعود الى فتره الفكر المستنير في القرن الثامن عشر ومن ائمتها البارزين وفولتير Voltaire ومونتسكيو Montesquieu فبالرغم من عداء هذين المفكرين وسواهما للمؤسسه الكنسيه، الا ان حكمهم في بادره اليسوعيين بين اهل البركواي كان ايجابيا وقد راوا فيها محاوله جيده لارستء نظام عادل بين هؤلاء الناس البعيدين

وفي الفتره نفسها صنفه احد الكهنه الايطاليين المدعو لودوفيكو انطونيو موراتورى Muratori كتابا خاصا بهذه المساله عنوانه:” المسيحيه السعيده في ارساليات الاباء الرهبان اليسوعيه بالبراكوي “نشره في البندقيه عام 1743” “فالدوله” اليسوعيه هى فى نظر المؤلف محاوله نابعه من جو التجديد الروحي السائد على اثر “الاصلاح المعاكس” وهي تسعى الى تحقيق مجتمع له طابع المسيحيه الاولى حيث البساطه في العادات وحيث شهوه الغنى المادي مجهوله او منبوذا. وكان الكتاب كله تقريرا لما حققه المراسلون. ومن اهدافه اعطاء تفسير اخلاقي غائي ليه للجماعيه القائمه في “الحواضر”:” ان الملكيه الخاصه والرغبه في مضاعفه الاموال هما في اوروبا من دواعي المشاكل والاضطرابات بين الناس. ام هؤلاء المسيحيون الطيبون الكواراني فهم بمناى عن هذه الشجون”. ولئن تحمس موراتوري للكتابه عن الارساليات لان نظامها الاجتماعي الاقتصادي كان يذكره بالكنيسه المسيحيه القديمه على ما جاء وصفها في” سفر اعمال الرسل” الا انه كان، الى ذلك، يضمر في دراسته تهجما غير مباشر على بعض مواقف كنيسه القرن السابع عشر التي تساهلت الى حد بعيد في سماحها بمظاهر للعباده باليه يشوبها الكثير من التقوى الزائفه والخرافات مما يتنافى مع بلا شك والروح الانجيليه.

المستنيرون والكاهن الايطالي انطلقوا اذا من تاويل مسبق لظاهره الحواضر على الرغم من انهم احسنوا في التركيز على مميزات اساسيه العداله والمشاركه وقد اخطاوا في عدم تحليل واقع الدوله اليسوعيه ضمن اطار اوسع يشمل كامل التاريخ والسياسه في الامبراطوريه الاسبانيه بامريكا ويضاف الى ذلك الى ان موراتوري بلغ في تركيزه على الناحيتين الاخلاقيه والدينيه في منجزات اليسوعيين فاطرا هذه الماثر وكانها المثال الاعلى. حاطا من قدر المؤسسه الكنسيه المتعلمنه في عصره، وكانت الحصيله اشبه شيء بلوحه زيتيه تقويه استندت الى المصادر اليسوعية مي دون سواها كرسائل الراهبين الايطاليين كتانيو Cattaneo وجرڤاسونى Gervasoni وشاهده يسوعي ثالث وهو المجري اروس  Oroszومن ثم فان مصنف موراتوري هو عمل بناء لكنه اقرب ما يكون الى المحاوله الصحفيه ولا يمكنه اليوم ان يشكل حافزا للتعمق العلمي الناقد في مدى تاثير اليسوعيين بين الكواراني

المرحله الثانيه :-كانت في القرن الثامن عشر واتصفت الرومنطقيه وتنسب انطلاقتها الى الاديب الفرنسي شاتوبريان بيد ان مصدرها الحقيقي هو اكليريكي اخر اليسوعي الكتلوني خوسيه مانويل براماسPeramas المراسل السابق في البركواي ومدرس الخطابه الاسبق في معهد قرطبه الجامعي الذي نفي الى ايطاليا بعد طرد اليسوعيين من اسبانيا ومستعمراتها فقد ادرج براماس Peramas في كتابه هذا وهو كنايه عن مذكراته حول التجربه بين الكواراني- بحثا نظريا يبتغي من خلاله اقامه البرهان على ان نظريات افلاطون السياسيه تلك التي عبر عنها في كتاب “الجمهوريه” وكتاب “الشرائع” قد تحققت اقله بصوره جزئيه بين الكوارانى وبفضل ما قامت به الرهبانية اليسوعيه ومهما بينه براماس ان التطابق بين الدوله التي ارتضاها افلاطون والحواضر الهنديه لم يعن ان اليسوعيين تبنوا نظريات الفيلسوف اليوناني بقدر ما دل على شيوع العقل السليم وامكانيه مساهمه مختلف الخبرات الانسانيه في تطور نظم الحياه الاجتماعيه وتقدمها

 

وثمة اتجاه مشابه ساره فيه بعض المفكرين الالمان من راى في خبره اليسوعيين محاوله جاده تسعى لتنقل الى الواقع الملموس النظريات الوهميه التى يروجها الفلاسفه امثال افلاطون في القديم و توماس مور T.More وتوماسو كاميانلا T. Campanellaفي عصر النهضه او اقله لتحقيق ملكوت الله في الارض. فالمؤرخ والعالم الاقتصاد ابر هارد كوتاين E.Gothein  ( ١٨٥٣-١٩٢٣ ) اراد

بنوع خاص مقابله دوله اليسوعيين بمدينه الشمس كما تخيلها كامبانلا. ولما كان كوتاين هذا من خير العارفين بالشئون الايطاليه فقد ارتاى ان مؤسسي حواضر الكوايرا Guayra  المرسلين الايطاليين كتلديني Cataldini  ومشتى Mascetti وهما في اغلب الظن صاحبا فكره النظام الذي ساد في البركواي، واذا كانا من المتحمسين لنظريات كاميانلا، فقد راودهما حلم انشاء جماعه شيوعيه مسيحيه او مسيحيه اجتماعيه تقوم في البركواي البعيد، وعرضا هذه الفكره على الملك فيليبس الثاني عاهل اسبانيا، الذي وافق عليها وايد تحقيقها. بيد ان هذه الفريضه ابعد ما تكون عن الواقع وليس ثمة ايه وثائق من تلك الحقبه نستطيع ان ندعمها بها، كالرسائل او المذكرات والمحاضر او قرارات السلطه المحليه او الملكيه وعلى العكس فهناك اعتبارات موضعيه كثيره تدفع الى ادراج اطروحة كوتاين في عداد المحاولات الخياليه والعلاقات بين اليسوعيين و البلاط الاسباني لم تقم انذاك الا عن طريق مدبري الرهبانيه، وبالتالي ليس هنالك ما يشير الى اية مسئوليه من النوع المذكور انيطت بالراهبين الايطاليين ثم ان كتلديني وميشتى كانا في شرخ الشباب لما اذهب الى امريكا، لم يعودا قد بعد ذلك الى اوروبا, ومن عرف صرامه الحياه الرهبانيه وقوانينها في القرن السابع عشر لا يتردد لحظه في ان يستبعد كل الاستبعاد ان يكون قد سمح لراهبين شابين التقدم من السلطات الاسبانيه ومن الملك بالذات بمشاريع مستقبليه لاسيما ان هذه المشروعات مستوحاه من مؤلف لم يكن يشتم منه رائحه البدع فقط بل كان يعتبر عدوا لدودا لسياسه اسبانيا حتى انه اودع السجن في نابولي وبقى فيه من 1602 حتى 1626 اضافه الى ذلك ان كل بادره تمت بصله الى البلاد الامريكيه كانت تحال للمصادقه الى مجلس الشؤون الهنديه وهي هيئه اداريه اسبانيه كان من عادتها التحفظ الشديد لا في الامور المستحدثه وحدها بل في المسائل الاداريه العاديه فلا يعقل ان يكون المجلس المذكور قد اسرع في اتخاذ قرارات على هذا الجانب من الاهميه لارضاء راهبين شابين من ذوي الافكار التقدميه ولو افترضنا انه فعل لبقيت دون شك اثار لذلك في محفوظات الدوله الاسبانيه

ومما لا ريب فيه ايضا ان احد اسباب غزو المحاوله الاشتراكيه في البركواي الى كتلديني وميشتى وهو كون هذين الراهبين ايطاليين، اعاني من البلد الذي كانت له في بعث النهضه اليد الطولي والنصيب الاوفر، بيد انه، وان يكون لهذين الكاهنين فضل الرياده في انشاء حواضر الكوايرا فينبغي للباحث الموضوعي ان ينتزع عن صورتهما ملامح وهميه الصقها بهم كتاب عاشوا في زمن لاحقه. وذلك بان كلا الراهبين كان لايتوق سوه الى العمل بين غير المؤمنين حيثما وجدوا. فلما كتب الى رئيس رهبنتهما العام الاب كلاوديو اكواڤيڤا C.Acquaviva وفاتحاه برغبتهم في الذهاب الى الارساليات لم يعرضا عليه مخططات او برامج مبتكرا ولم يطلبوا التوجه الى البركواي للقيام فيها باختبارات قد يسهلها مستوى الاهلين الثقافي المتواضع لا بل انهمت لم يطلبا الذهاب الى امريكا بشكل عام فان كتلدينى اعرب عن رغبته الشديده في ان يرسل خاصه الى تلك الاصقاع الهنديه واليابان والصين كما ان مشتي طلب الاذن بالذهاب الى الهند وبلاد المسكوف وتركيا او الى حيث تري قدستكم مان ثمه تمجيد لله اعظم.

وفي سياق هذه التاويل الرومنطقيه لظاهره الحواضر تجدر الاشاره ايضا الى محاوله ادبيه لا تخلوا من الطرافه وقد الف نمساوي فرتس هوخقالدر F.Hochwaelder عام 1941 ماساة من النوع الملتزم اسمها الاختبار المقدس

 Der heiling Experiment وهي تنطلق من حادثه طرد اليسوعيين من البركواي ونهايه دوله الله بين الكواراني وعرفت هذه الماثرة قمت نجاحها في الخمسينيات لما مثلت في باريس بعنوان في الارض كما في السماء

 Sur la terre comme au ciel ثم في ايطاليا بالعنوان الاول  Ilsacro esperimento وعرضت ايضا على شاشات التليفزيون

المرحله الثالثه:- والاخيره وهي مرحله تاويل ظاهره الحواضر هي التي ظهر فيها المفسرون بمنظار الفكر الاشتراكي واول من طرق هذا السبيل الاسكتلندي روبرت كننكهيم كراهام  R. C. Grahamاحد مؤسسي حزب العمال الانكليزي. كما ان من ابرز السالكين فيه الكاهن السويسري كلوفيس لوكون C.lugon الذي راى في ماثره اليسوعيين اولى الانجازات التاريخيه في العصور الحديثه للشيوعيه المسيحيه. وان ما كتبه هذا الاكريليكى التقدمي عام 1949 وسط جو برزت فيه محاوله الكهنه العمال والحركات الشوعيه المسيحيه التي تلت نهايه الحرب الكونيه، قد اذكى شعله الاهتمام بحواضر البركواي. اما المقوله التي طرحها فمفدها ان اليسوعيين حاولوا تنظيم ارسالياتهم الامريكيه بوحي من اشد النظم الشيوعيه تزمتا ولم يحجموا عن مبادرتهم هذه الا بضغط من البلاط الاسباني. ومع ان كتاب لوكون شائق المطالعه يشد القراء اليه كما تشدهم اجمل الروايات، الا انه لم يكن من البحث في شيء، وقد اكتفى صاحبه بالمصادر والاحداث التي تناسب اطروحته وقومها اعتبار النظام الشيوعي الذي انشئ في الحواضر، هدفا لا وسيله. وبالتالي فان غاب عن هذا المؤلف ان الرهبانيه اليسوعيه سعت في البركواي اول ما سعت الى القيام بعمل تبشيرى يمجد الله فيه اعظم تمجيد وكل ما خلا ذلك بما فيه التنظيم الاجتماعي والاقتصادي انما كان عرض او وسيله لا غير

كل النظريات والتفاسير التي سلفت الاشاره اليها تبدو شائقه مثيره، الا انها لا تخلوا من الانحياز و بالنتيجه من التشويه نظرا لكونها افكار مسبقه مما يدفع الى الشك في صحتها على الصعيد التاريخي. واما الغايه من البحث الاتي فهي المحاوله لاعاده كتاب التاريخ الدوله الهنديه الاصيله بصرف النظر عن كل خرافه وكل تنميق وكل خلفيه ايديولوجيه وبوضع الامور في اطار واقع القرنين السابع عشر والثامن عشر.

 

 

محتويات الكتاب :

مدخل الكتاب

المقدمة

١. فتح أميركا وأبعاده الدينية والسياسية والشرعية.    

۱.. الدين وتأثيره في سياسة الفتح الإسبانية

٢.. الجدل العقائدي في طبيعة السكان الأصليين

٣.. الاشتراع الإسباني في أميركا ونظام” المحصول” 

٤.. مناظرة قلیادولید.

٥.. نضال المرسلين في سبيل الهنود

٢. اليسوعيون يفتتحون البرگواي

۱.. التمهيد والمقدمات

۲..” الحواضر” الأولى

٣.. مرحلة التوسع

٤..” الحواضر” في منتصف القرن السابع عشر

٣. دولة اليسوعيين بين الكواراني

١.. مواقع الحواضر ونظام بنائها

٢.. نظام الدولة :

      ا- الإدارة المدنية

      ب-التنظيم العسكري 

٣.الاقتصاد  

     اـ الزراعة ـ الملكية الخاصة والجماعية

     ب ـ الصناعة والحرف

     ج ـ التجارة

     د ـ الحياة اليومية 

     هـ ـ سياسه الانعزال

     و ـ الثقافة

٤- الذروه والزوال 

١.. عود على بدء: اهداف الحواضر وتوجهاتها 

٢.. القيود السياسيه والاداريه على الحواضر

٣.. ثوره الكومونيرس العاميين في اسونثيون

٤.. معاهدة مدريد في 13 كانون الثاني 1750

٥.. كارلوس الخامس وزوال دولة الكواراني

 الخاتمة-” المحاولة المقدسة”

 فهرس الحواضر

 فهرس الأعلام 

مصادر البحث

 

 

اضغط هنا للتحميل