الكتاب المسيحي

جهادنا النُسكى هو ضد الجسد بمعنى الشهوات، وليس ضد الجسد فى حد ذاته – الاب كاليستوس وير, كتاب الطريق الأرثوذكسي

061

إن جهادنا النُسكى هو ضد الجسد بمعنى الشهوات، وليس ضد الجسد فى حد ذاته. فتيار الشهوة الجسدانى (flesh) ليس هو نفسه الجسد (body). إن لفظة جسد (flesh)، كما ورد استخدامها فى النص المقتبس أعلاه، يشير إلى كل ما هو آثم ومضاد لله فينا؛ هكذا ليس الجسد وحده فى الإنسان الساقط هو الذى أصبح جسدانيًا وشهوانيًا، بل النفس أيضًا. وعلينا أن نمقت الشهوة الردية (flesh) وألاّ نمقت الجسد، الذى هو من صنع الله وهيكل الروح القدس. لهذا كان إنكار الذات النسكى جهادًا ضد شهوة الجسد، لكنه ليس جهادًا ضد الجسد بل لأجل الجسد. وكما تعود الأب “سيرجى بولجاكوف” أن يقول ” أقتل الشهوة الجسدانية، لكى تقتنى جسدًا “. وليس النسك استعبادًا للذات، بل هو الطريق إلى الحرية. والإنسان متورط فى فخ من المتناقضات النفسية: ومن خلال النسك (الحقيقى) فقط يمكن أن يقتنى العفوية (السلوك التلقائى).

وإذ نفهم النسك على هذا النحو، كجهاد ضد شهوات الجسد، وضد الوجه الخاطئ والساقط للنفس، فإنه أمر مطلوب من ” كل ” المسيحيين، وليس فقط من أولئك الذين تحت النذور الرهبانية. إن الدعوة الرهبانية ودعوة الزواج ـ طريق النفى وطريق الإيجاب ـ هما طريقان متوازيان ومكملان لبعضهما بعضًا. وليس الراهب أو الراهبة بشخص ثنائى النزعة duelist، بل هو وبنفس الدرجة مثل المسيحى المتزوج. يسعى أن يعلن الخير الكامن فى الخليقة المادية وفى الجسد البشرى، وبنفس القدر، فإن المسيحى المتزوج مدعو إلى النسك. ويكمن الفارق فقط فى الأحوال الخارجية التى يُمارس فيها الجهاد النسكى. كلاهما ناسك بنفس القدر، كلاهما يتعامل مع المادة وهما ماديان بنفس القدر. وكلاهما منكر للخطية ويقبل العالم بنفس القدر.

الاب كاليستوس وير، الطريق الأرثوذكسي، ص 86، 87