الكتاب المسيحي

قراءة في كتاب كيف صلى يسوع كيهودي – الاستاذ مايكل ميلاد

قراءة في كتاب كيف صلى يسوع كيهودي 

قراءة في كتاب كيف صلى يسوع كيهودي
قراءة في كتاب كيف صلى يسوع كيهودي

قراءة في كتاب كيف صلى يسوع كيهودي – مايكل ميلاد  

‘‘كيف صلى يسوع كيهودي’’ هو كتاب من إصدار مؤسسة مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية وهو ترجمة بتصرف  لكتابPraying Like the Jew, Jesus: Recovering the Ancient Roots of New Testament Prayer الذي ألفه تيموثي جونز. يتبنى الكاتب منظومة ثابتة بطول فصول الكتاب: وهي رواية تصويرية لحدث معين من حياة الرب يسوع تعتمد أساسًا على الخلفية الحضارية و الثقافية التي عاش فيها الرب يسوع و خصوصًا الصلوات اليهودية، ثم بعد ذلك يعطي للحدث بعدًا حياتيًا تطبيقيًا، ثم ينهي الفصل بتأمل أو صلاة تدور حول موضوع الفصل.

يقع الكتاب في أربعة أقسام :

أ- معرفة الله الذي يبتهج في الأمور غير المتوقعة.

ب- معرفة الإله الذي عطاياه تتجاوز توقعاتنا.

ج- معرفة الله الذي يجمع في شركة.

د- معرفة الإله الذي يخلق طبيعة جديدة.

و هدف الكتاب يمكن تلخيصه فيما ذَكَرته مقدمة الناشر :

{ربط ما حدث في عالم اليهودية في القرن الأول الميلادي بحياة الصلاة التي يجب أن نحياها في القرن الحادي و العشرين من أجل الوصول إلى فائدة مباشرة} (ص ٦).

يوحي عنوان الكتاب ‘‘كيف صلى يسوع كيهودي : استعادة الجذور القديمة للصلاة في العهد الجديد’’ بأن للكتاب صبغة دراسية أو بحثية في جذور الصلوات اليهودية و مقارنتها بالصلوات في نصوص العهد الجديد، إلا أنه بعد القراءة اتضح أن الكتاب ليس كتابًا علميًا لمحبي البحث، بل هو للعوام الذين لا يلزمهم الالمام بالمحيط الثقافي الذي عاش فيه يسوع المسيح في القرن الأول الميلادي؛ فالكتاب يحمل الصبغة الوعظية لا البحثية و هو بذلك لم يقدم جديدًا عن الصلوات التي مارسها الرب يسوع في زمنه فما ورد من صلوات في هذا الكتاب يمكن أن نجده في مصادر أخرى (أنظر مثلاً كتاب الإفخارستيا: عشاء الربللأب متى المسكين، و القداس الإلهي: سر ملكوت الله، في جزئين، للأب أثناسيوس المقاري)، و ما يمكننا فقط أن نقول عنه استعادة لجذور الصلوات في العهد الجديد هو ما قام به الكاتب في الفصل الخامس من الكتاب حيث قارن بين عدة صلوات يهودية و الصلاة الربية (أبانا الذي ….) دون حتى الإشارة إلى كل المواضع المشتركة بين الصلوات اليهودية و الصلاة الربية.

توقعت أيضًا أن أجد مراجع مُحَقَقَة لكل نصوص الصلوات التي بنى عليها مؤلف الكتاب فصول كتابه بما أن الكتاب قامت بنشره مؤسسة تعود لطائفة الـ Messianic Jews ، لكن الكاتب أورد المراجع لبعض الصلوات دون الأخرى فمثلاً لم يورد مراجع أو حتى شواهد لنصوص البركة الخامسة عشر من الـ ‘‘عميدا’’ (ص16) مع أنه فعل ذلك مع البركات النهائية في نفس الصلاة مثلاً (ص63)، كما أنه لم يذكر مرجع بركتي ‘‘غسيل الأيدي’’ (ص31) أو ‘‘الخبز’’ (ص32، ص107) من التلمود البابلي أو أي من الكتب المعتمدة الأخرى و اكتفى فقط بالإشارة إلى أن الصلوات من ‘‘التقليد اليهودي’’ أو أنها ‘‘بركة معتادة’’ .

لفت نظري أيضًا صلاة قال الكاتب أنه أعاد بنائها من مخطوطة البحر الميت 1Q34:5:1 (ص22) و بالرجوع إلى نص المخطوطة[1]  وجدت أن ما قام المؤلف بإضافته على الصلاة هو فقط البركة المبدئية ‘‘ مبارك أنت أيها الرب’’ و هي مفقودة من نص المخطوطة غير أنها عبارة مشهورة في بداية أية صلاة بركة و ما قام به فعلاً ليس إعادة بناء و إنما فقط وضع جملة تقليدية مشهورة يحفظها أي يهودي يقوم بتلاوة أي نص للبركة أي أنه أقرّ الطقس المعروف و لم يُعِد بنائه بل و ربما لا نحتاج لوضع هذه البركة إذا كانت البركة الموجودة في المخطوطة هي في منتصف الصلاة لا أولها[2].

من حيث البناء الفكري للكتاب أرى أن القسم الثالث يرتبط عضويًا بالقسم الأول و لذاففي نظري أن الترتيب المنطقي للكتاب كان يجب أن يكون كالتالي القسم الثاني حيث يوضح الكاتب أهمية و خطورة الصلاة ثم القسم الثالث حيث يوضح الكاتب أهمية أن نكون جماعة مؤمنة واحدة ككجسد للرب و أن هذه هي رغبة الله الآب نفسه ثم يتجمع نتاج القسمين معًا في القسم الأول حيث نرى جيدًا كيف يكون الله مبارَكًا لنا بطرق قد لا نتوقعها و كيف نكون نحن أنفسنا بركة للآخرين و كيف لنا أن نخاطر بإمكانية الرفض. ثم يأتي القسم الرابع ليشجعنا على التحلي بالقداسة وسط الألم و الثقة بالله حتى آخر نفس لأنه يعاني معنا في كل معاناتنا. و أن نحيا كبركة لكل من حولنا. و لكن ربما للكاتب بعض العذر إذ أنه يتتبع حياة الرب يسوع زمنيًا لا موضوعيًا.

يمتاز الكتاب عامة بالبساطة و سهولة الفهم مهما كان المستوى الثقافي و التعليمي لقارئه إلى الدرجة التي يمكننا معها أن نقرأه في جلسة واحدة. و تحتاج مكتبتنا العربية إلى مثل هذه الكتب لتثري القاريء العربي بكل الظروف المحيطة بحياة الرب يسوع فتعطيه فهمًا أعمق لحياته. و التي تربط هذه الحياة بحياتنا المعاشة فتساعد على أن نسير  على نفس الدرب الذي سار فيه الرب يسوع حتى نصل إلى نفس وجهته الأخيرة في حضن الآب. على أننا نحتاج أيضًا كتب ذات طابع دراسي و بحثي أكثر لنقترب من فهم شخصية الرب يسوع كإنسان تاريخي و لنضع أيدينا بشكل أكبر على العوامل المشتركة بين ليتورجيا الكنيسة و صلوات العهد الجديد و جذورها في الطقس اليهودي.

مايكل ميلاد / قراءة في كتاب كيف صلى يسوع كيهودي

————-

[1]Vermes, G. (1995). The Dead Sea scrolls in English. Previous ed.: London : Penguin, 1987. (Revised and extended 4th ed.) (264). Sheffield: Sheffield Academic Press.

[2] أنظر صلاة البركات الـ18 على : http://jewishencyclopedia.com/articles/5480-eighteen-benedictions

 

روابط هامة :

لتحميل كتاب كيف صلى يسوع كيهودي 

تقيم الكتاب على موقع جودريدزgoodreads