الكتاب المسيحيالتربية و الخدمةالمقبلين على الزواج و المتزوجين

ماذا عن مناولة المرأة في فترة الحيض ؟ من كتاب الزواج بين الواقع و المرتجي للاب منيف حمصي

ماذا عن مناولة المرأة في فترة الحيض ؟ من كتاب الزواج بين الواقع و المرتجي  للاب منيف حمصي

ماذا عن مناولة المرأة في فترة الحيض
ماذا عن مناولة المرأة في فترة الحيض

ماذا عن مناولة المرأة في فترة الحيض ؟

من كتاب الزواج بين الواقع و المرتجي

الاب منيف حمصي من صفحة 180 الي صفحة 191

 

ماذا عن التناول من الاسرار المقدسة في فترة العادة الشهرية؟

يقول القديس بولس في رسالته إلي اهل كورنثوس: (ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، كما فر مرآة، نتغير إلأي تلك الصورة عينها..2كو3: 18). السؤال الآن، هو: من هم الذين يتغيرون؟

بولس نفسه يُجيب، فيقول: (غير ان الرجل ليس من دون المرأة، ولا المرأة من دون الرجل في الرب.. 1كو 11: 11). اي ان الإنسان ذكراً وانثي مدعوان إلي الرب، ومدعوان ان يتغيرا من اجل الرب وحباً به. ثم يردف هو نفسه فيقول: (لأنكم كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح، لا ذكر ولا أنثي.. غلا 3: 28). وعليه، فالرجل كما المرأة، مدعوان معاً إلي الحياة الإلهية، وليس أحد منهما دون الآخر في الرب.

ونسمع عندما نقرأ انجيل نازفة الدم (مت9: 20- 22)، ان امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة، قد جاءت من وراء السيد، ومست هدب ثوبه، ايماناً منها، انها بذلك تنال الشفاء. وبالفعل، كان لها ما ارات. ما معني هذا الكلام؟

لم ير ربنا ان نزف المرأة يحول، في شكل من الاشكال، دون قدومها إليه. لم يشجبها، لم يمنعها، لم يزجرها، بل أثني علي موقفها واندفاعها وثقتها به. وفي النهاية، منحها سؤلها، وامنية قلبها. لا بل نستطيع ان نقول انها بفضل حبها له وثقتها بقدرته انتزعت الشفاء منه بالقوة. الله يفرح جداً عندما نأتيه بمحبة وثقة. ولكن لماذا نقول لا مناولة للمرأة وللصبية في فترة الحيض؟

لماذا لا، اذا كانت حواء معادلة للرجل في الكرامة والقيمة امام الله؟

الناس، عموماً، ينظرون إلي كل ما له صلة بالجسد، بالزواج، بالانجاب، بالحب، علي انه مرتبط بالدنس والنجاسة والخطيئة. من هذه النظرة يظن كثيرون في مجتمعاتنا ان طيف الدنس يلاحق كل صداقة بين شاب وفتاة. لا بل اكثر من ذلك، يعتقد الكثيرون من الناس، ان المرأة شر لابد منه، وفساد لا يمكن الإستغناء عنه، وان التفكير بها، من شأنه ان يُدنس العقل والفكر والكيان.

بيد ان هذا التفكير غير صحيح علي الإطلاق، فكيف يقول الزوج ان زوجته دنسة، او ان ابنته دنسة، او ان امه دنسة؟ هذا لا يحصل. كيف تكون الجارة دنسة والزوجة طاهرة؟ هذا تناقض. كيف يكون الحب خطيئة، والزواج مجبول بالدنس، والناس يتهللون في مجتمعاتنا عندما يزوجون اولادهم؟ مثل هذا التفكير غير لائق علي الإطلاق في من يحملون الإيمان بالمسيح في قلوبهم وحياتهم. فالمرأة اخت وام وزوجة ونسيبة وعمة وخالة وجارة. هي من كيان الرجل عينه، ومثلها مثله في كل شئ. وإذا كانت هي دنسة، ففالقول عينه ينعكس عليه بالكلية.

ومن مطالعة تاريخ الكنيسة، يستطيع المرء ان يجد كيف ان الكنيسة كانت تحرم من يعتبرون المناولة علي يد كاهن متزوج امراً دنساًً. لكن المسألة تزداد تأزماً وتعقيداً عندما نجد شريحة من الناس علي هذا الرأي. وكأن الموافقة علي الامر مسألة ديموقراطية، تقبل اذا تبنتها الأغلبية، وترفض اذا كان قسم ضئيل من البشر يُنادي به.

الناس عموماً لا يميزون بين ما هو بيولوجي وما هو دنس. هم يخلطون خلطاً رهيباً بين ما هو بيولوجي، وما هو دنس، فيبررون بنتيجة ذلك، إقصاء المرأة من القرابين، ومن المجئ إلي الكنيسة، وايضاً من التعبد لله، بدون معرفة طبعاً. ما يسميه الناس دنساً ونجاسة، ليس في العمق إلا مجرد ظاهرة بيولوجية ذات فسيولوجيا وقف العلم علي قوانينها، وفهمها. الخلط بين الامور الفيزيولوجية والدنس امر غير لائق، لأننا بذلك إنما نجعل من خلق الإنسان دنساً ونجساً ايضاً. كيف تكون المرأة دنسة والله هو الذي ابدعها وخلقها؟ واين هو الدنس؟ انه في دم الحيض. ياللسخرية ان يُقال ان في المرأة دنساً بسبب دم الحيض. اليس في الرجل دم ايضاً؟ الا ينزف الرجل إذا جُرح؟ لماذا لا يُقال شئ عن فساد او دنس فيه؟

وعندنا في الحق الكنسي قانونان يتناولان هذه المسألة: القانون الاول هو لديونيسيوس الاسكندري تلميذ العلامة اوريجينوس، فلنسمعه: (لا يحق للطامث ان تدنو من المائدة المقدسة، ولا ان تلمس القرابين، ولا ان تأتي إلي الكنيسة، بل عليها ان تُصلي في موضع آخر). بيد ان ديونيسيوس هذا ، لا يعطي تعليلاً لموقفه، كما ولا يبدو انه يُميز بين الدنس والخطيئة، من جهة، وافرازات الجسد اللاإرادية ، والفيزيولوجية، من جهة ثانية. وهذه مسألة هامة ودقيقة، ويجب التشديد عليها.

في الحقيقة، نحن لا نستطيع ان نجاسب انسانة علي امر لا رأي لها فيه. وكما انه لا رأي لإنسان في خفقان قلبه، وفي تنفسه، وفي نعاسه، وفي جوعه وتعبه، وسواها مثلها، هكذا ايضاً لا رأي للطامث بما يستجد من تبدلات وتحولات فيزيولوجية في جسدها كل شهر، فهذه أمور لا إرادية، ولا رأي للمرأة للمرأة او الفتاة فيها. فيزيولوجيا الجسد هي مسألة لا إرادية، اما الخطيئة فكلها إرادية. الدنس كله محصور في الخطيئة، لا في دم الحيض. انت تستطيع ان تكبح جماح غضبك إذا اردت، ومن العار ان لا تفعل. لن تكون محباً للرب ان لم تجاهد ضد اهوائك. إلا انك لا تستطيع ان تحيا بدون طعام، بدون ماء، وبدون نوم. وبالتالي ليست البطولة ان لا تنام، ان لا تأكل، ان لا تشرب. ليست البطولة ان تقول انك لم تتعب بعد عمل تغرق فيه طيلة عشرين ساعة، وسوي ذلك كثير. ليست البطولة ان تقهر ما هو في نواميس جسدك (كالنعاس والتعب والاكل والشرب….). نحن لا نُحاسب علي ما لا رأي لنا فيه، إلا اننا جميعاً مسؤولون عما هو من واجبنا كبح جماحه، والامتناع عنه. لا يستطيع المؤمن ان يغرق في الجنس بحجة انه من امور الطبيعة التي جعلها الله في الإنسان. لا يُباح الفعل الجنسي، لمجرد ان نفكر ، ومن زاوية ضيقة خانقة، ان الجنس خليقة الله. اذ من الواجب ان نعرف ايضاً لماذا جعل الله الجنس في حياتنا، فلنقلع حتي عما هو طبيعي عندما نعرف لماذا نفعل ذلك. والان، ماذا جاء في القانون الثاني؟

القانون الثاني  هو بمثابة جواب اعطاه تيموثاوس الاسكندري رداً علي سؤال يتعلق بحق الطامث في الدنو من القرابين: (ولكن ليس قبل ان تبلغ النظافة الكاملة). الغامض والمُبهم دائماً، هو الكلام  عن النظافة الكاملة. ما معني النظافة الكاملة، وما هي علاقتها بالقرابين؟ ما الفرق بين هذه النظافة ونظافة الشعر، ونظافة الحذاء وسواها؟ نحن لا يعنينا أمر النظافة، بل امر النقاوة القلبية. وبكل تأكيد هذا الزمان ليس فيه عدم نظافة بسبب تسهيلات كثيرة موجودة ومتوفرة في الحياة المُعاصرة.

لقد ربط بعض الدارسين للمسألة، الأمر، بما ورد في العهد القديم (لاويين 12: 1- 5)، و(لاويين 15: 19- 30) راجعها وتأمل في ما ورد فيه. لكن في إعتقادي ان ما ورد في (غلا3: 28)، ومفاده ان المرأة والرجل واحد امام المسيح، من شأنه ان يميط اللثام عن كل غموض، وينسف الممارسة القديمة من اساساتها، بما فيها افكار اللاويين. فالعهد الجديد هو المعيار، لا شعائر الناموس وفرائض الطقوس، لان يسوع هو حجر الزاوية والحقيقة في العهدين القديم والجديد (موسي والانبياء عني تكلموا) بيسوع نعرف مقياس الفضيلة، وبه ايضاً نُدرك أننا ننزلق إلي الخطيئة. هو وحده الألف والياء، وبه، وعليه وبه نفسر الكتاب المُقدس كله.

وفي معرض تفسيره لرسالة بولس إلي تيطس، يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: (كل شئ طاهر للطاهرين واما للنجسين وغير المؤمنين فليس شئ طاهر، لأن ذهنهم تنجس، وضميرهم ايضاً. الذين يخلطون بين الحق والباطل ويقيدون حرية المرأة في فترة الحيض. ان من يفكر هكذا هو من مناصري الخرافات والاساطير. الله هو خالق كل شئ وخليقته ليس فيها دنس. ليس من دنس في خليقة الله، الدنس كله ينبع من الخطيئة التي اقترفها الإنسان، وما يزال، فسقط وما يزال يسقط، الخططيئة وحدها تؤذي النفس، فيصير الإنسان بسببها، كله دنساً). [راجع ايضاً تفسيره لرسالة بولس إلي اهل رومية (رو1: 26- 27)].

في الحقيقة لا يري القديس يوحنا ذهبي الفم ان الطمث مقرون بالدنس، فالدنس هو في الخطيئة فقط، اما دم الحيض فليس فيه خطيئة البتة، لا بل يتسائل هو نفسه بإستغراب شديد، قائلاً: (ولماذا تكون المرأة التي تلد دنسة؟! أليس الدنس في النفس لا في وظائف الجسد؟!).

والان، إذا كان دم الحيض علي هذه الدرجة من الاهمية، لا بل ينظر إليه من خلال الدنس والنجاسة، فالرسالة التي بعث بها القييس اثناسيوس الكبير إلي الراهب امون، وتحمل الرقم (48)، يمكنها ان تشكل مدخلاً جميلاً لفهم مسيحي لهذه المسألة، فلنسمع ما جاء فيها بهذا الصدد:  إن وظائف الجسد لا تمت للخطيئة بصلة، فالوظائف شئ اما الخطيئة فشئ آخر، افرازات الجسد شئ اما الدنس فشئ آخر. ليس من صلة بين إفرازات الاذن الغير إرادية والخطيئة. ليس من صلة بين البُصاق والخطيئة. إفرازات الجسد هي إمور بيلوجية لا إرادية، اما الخطيئة فعمل طوعي ينبع من الإرادة.) ومع ذلك فإن كثيرون يصرون علي ان إفرازات جسد المرأة خطيئة. وهؤلاء عليهم ان يصبروا علينا قليلاً، كي ينظروا إلي الأمور نظرة شاملة لا تراعي ولا تحابي، بل تأخذ كل الاشياء بمعايرها ونواميسها. علينا ان نقول لهؤلاء المعترضين علي التعبد في الكنيسة من المرأة الطامث، ان هناك ما يجب قوله في الرجل ايضاً. فإذا كنا نطلق مواقفنا بدون تدقيق في المرأة الطامث فنسمح لانفسنا بالتفكير في إقصائها عن العبادة، او علي الاقل نُطالب بذلك، فلماذا لا نفعل الشئ نفسه مع الرجل؟! ما الفرق بين طمث المرأة وإحتلام الرجل؟! هل من فرق بين دم الحيض والإستمناء؟! دم الحيض في المرأة لا إرادي، اما الإستمناء فكله فعل إرادة. كذلك فإن للرجل في أغلب الأحيان دوراص في إحتلاماته، اما المرأة فلا رأي لها في طمثها، فهي ملزمة به حتي بلوغها سن اليأس، اذا كان التعبير صحيحاً ودقيقاً. وبالتالي، لماذا نغض النظر عن الرجل ونتشدد مع المرأة؟! وإذا كان علي الطامث ان لا تدنو من القرابين لمجرد انها طامث، فماذا نقول عن الرجل في إحتلاماته؟! هل يجوز ان يدنوا من القرابين الطاهرة؟ هل فكرنا يوماً ان نسأل الرجل ان كان طاهراً عندما يقترب من المناولة؟ فمن اين نستمد السلطان إذاً كي نحكم في المرأة في مثل هذه الامور؟

في كتاب تعليم الرسل، هُناك ما يُسلط الضوء علي المسألة ايضاً، فلنسمعه: (ليقل لنا هؤلاء، في اية ايام وفي اية ساعات يمتنعن عن الصلاة، وعن المناولة وعن مُطالعة الاسفار الإلهية؟ ليقل لنا هؤلاء إن كانت النسوة المعمدات لا تحملن الروح القدس. الروح القدس الذي نأخذه في المعمودية يرافقنا كل حين، الا انه لا يفارقنا بسبب بعض المسائل الطبيعية ليلازمنا في أخري، بل هو دائماً مع محبيهويحفظهم كل حين.)، ويتابع واضع الكتاب: (وهل تظنين ايتها المرأة انك إذا كنتي طامثاً تكونين بدون الروح القدس؟ تري إذا حان موعد رحيلك عن هذه الارض فهل تغادرينها خاوية الوفاض وبدون رجاء؟ اما إذا كنت تؤمنين ان روح الله فيكي، فما الذي يُعيقك عن الصلاة وعن مطالعة الكتب الالهية والتقدم من القرابين الإلهية؟ اوليست الكلمات الإلهية ملكاً للروح القدس الذي فيك بالمعمودية؟ وإذا كان الروح القدس فيك، فما الذي يبرر انقطاعك عن المسيح؟).

ونعرف من تاريخ الطنيسة ان الشماسات كن يدخلن الهيكل للمناولة كما هو حال الكاهن اليوم. إلي ذلك عندنا علي سبيل المثال القديسة غورينيا شقيقة القديس غريغوريوس النيزنزي. هذه العظيمة امتدحها اخوها لشجاعتها وإيمانها بالرب. لقد اصيبت هذه الممدوحة بمرض عُضال، فراحت تلازم الهيكل متضرعة إلي الله كي يعتقها منه. ولكن كيف يحق لها ان تلازم الهيكل وهي إمرأة؟ ماذا سنقول لو ان رجلاً هو الذي كان يترضرع الي الله كي يشفيه؟ لماذا نفرض هذه الدونية علي المرأة؟ هل يدخل الرجل الكنيسة للصلاة بعد إحتلام ام لا يدخل؟ وهل فكرنا ان نمنعه من العبادة إذا كان زانياً؟ وهل نعمنعه من المناولة إذا كان يخون زوجته، او يضربها؟ هل اخذنا بحقه إجراء مماثلاً إذا كان مقامراً؟  هل نمنعه عن المناولة إذا كانت نظراته لا تعرف العفة مع كل عابرة سبيل؟

ومن جديد، ما الذي يحول جوهرياً دون دخول المرأة إلي الكنيسة في فترة الحيض؟ هل عالم المرأة النفسي مُفكك، اما عالم الرجل فكامل ولا عيب فيه! انا لا افهم لماذا تُمنع المرأة من دخول الهيكل، بينما يُسمح للرجل بذلك. لماذا يدخل الرجل إلي الهيكل ساعة يشاء، أما المرأة فلا يحق لها ذلك، لا في الليل ولا في النهار؟ في قناعتي، ان الكاهن نفسه لا يحق له ان يدخل الهيكطل بدون مهمة ليتورجية. لكن ان نسمح للرجل ما نحجبه عن المرأة جزافاً وكيفما اتفق، فهذا موقف غير لاهوتي وغير منطقي، لا بل ينم في العمنق عن اقتناع بفوقية الرجل ودونية المرأة، بطهارة الرجل كل حين ودنس المرأة كل حين، وهذا غير صحيح علي الإطلاق، فالمساواتة كاملة وتامة بين الرجل والمرأة، لا بل كثيراً ما تكون النساء هن العامود الاكبر في حفظ البيت وليس الرجل (غلا3: 28). كيف نظلم المرأة وبيوت كثيرة تُصان بوفاء الزوجة فقط؟ وهنا يلمع في ذهني سؤال:  تُري من يخدم مع الكاهن في الاديار النسائية؟ من ينظف الهيكل في الاديار النسائية؟ ومن جديد، لماذا نُدخل الاطفال الذكور إلي الهيكل في الأربعينية الاولي لولادتهم، اما البنات الحديثات الولادة، فنبقيهن خارجاً؟ (انا اقوم بإدخال الطفل والطفلة معاً إلي الهيكل عندما تأتي الوالدة بعد ولادتها إلي الكنيسة. لا بل اشجع المرأة علي عدم الإنقطاع عن المناولة طيلة الاربعينية التي تلي ولادتها).

والان، إذا كان الطمث هو السبب من وراء منع المرأة من التعبد في الكنيسة، فلماذا لا ندخل الفتاة الحديثة الولادة إلي الهيكل؟ فهي لا تعرف الطمث بعد.

والآن، ماذا جاء في قوانين المجامع علي هذا الصعيد؟

يرد منع المرأة من دخول الهيكل في القانون (44) من مجمع اللازقية، وفي القانون (69) من المجمع المسكوني السادس، وذلك بحجة ان المنع هو علي اساس ان المرأة لا دور لها في الهيكل. لكن لماذا لا ينسحب المنع علي الرجل ايضاً إذا لم يكن عنده مهمة محددة ودور في الهيكل؟ لقد قال لي احد المتحمسين لعدم دخول المرأة إلي الهيكل، في معرض الكلام عن إدخال الطفل الذكر إلي الهيكل: يا ابونا، الامنر يحصل من هذا القبيل، علي امل ان يصبح هذا الطفل كاهناً لله العلي في المستقبل.  لكن صاحب الجواب لا يعرف لماذا تُقصي الفتاة الطفلة من الهيكل. الا يحق لي ان اتبني فكرة فأقول بوجوب السماح للطفلة بالدخول إلي الهيكل علي امل ان تكون هذه الطفلة راهبة في المستقلبل او خورية قديسة؟

بإختصار يستطيع الإنسان المؤمن ان يقول ان قلب المسيح يتسع للجميع ذكورا واناث دون استثناء وليس من مشكلة في ذلك.

والآن يري معي كل مؤمن، ان فوقية الذكور ودونية الإناث، من شانها ان تفضي بنا ولو بعد حين، إلي فتور محبة البنات لكنيستهن! البنت عندنا تحمل وزراً ثقيلاً جداً من مجتمعها يثقل كيانها مدي الحياة. اخوها اكثر اهمية منها، هو له البيت والمحيط، وهي لها من الله الرحمة، ومن الناس الشفقة. هو يرث كل شئ وهي علي الهامش. له ما هو افضل وهي ليس لها شئ. نحن في الشرق نعاني من تربية تفرط في تفضيل الذكور علي الاناث، وهذا ليس من الإيمان. الام نفسها تؤثر صبيانها علي بناتها، وهذا مهزلة، وليس من الإيمان، فهذه الام نسيت معاناتها عندما كانت طفلة في بيت اهلها. نسيت انها كانت تريد اهلها ان ينصفوها. الا انها بعد ان تزوجت، ها هي تسحق ابنتها علي حساب ابنها الصبي. وكثيراً ما يكون الذكر في البيت علي قدر من التفاة والطيش، فيبعزق ثروة ابيه ومع ذلك فالجميع عنه راضون وومن موقفه وتصرفاته منشرحون، وما نقبله منه يختلف عما نقبله من شقيقاته، وفي هذا مشكلة تربوية خانقة وحقيقية.

علينا ان نكون منصفين وعادلين ومميزين حتي الاعماق، وذلك حتي لا نجر علي بيوتنا وعائلاتنا الويلات عندما نزوج بناتنا. اية امومة ستخرج إلي الحياة إذا كانت الفتاة مقهورة ومهانة في بيت اهلها، يسودها ويستبد بها اخوها وابوها وعمها وابن عمها وخالها والمجتمع كله ايضاً! ان الجور الذي نمارسه علي الفتاة في طفولتها، سيجعلنا نخسر حتماً فيما بعد، لأن من تغبن في طفولتها، لن تقوي علي العطاء متي انجبت واصبحت اماً.

اي نوع من الرجال يكبر ويترعرع في حضن ام مغبونة ومظلومة ومُهانة ممنذ طفولتها وحتي مماتها؟ اية رجولة تنمو في كنف امومة مغبونة ومهشمة؟ انا من القائلين ان الام المغبونة في اعماقها، انما تنجب ذكوراً لا يكونون الا اشباه رجال. اي ام نربي للحياة، اذا كان كل ما لها ممنوعاً عليها، وكل ما هو ممنوع عليها مسموح به لاخيها، لمجرد انه صبي، وهي بنت؟ هذه الخلاصات تنطوي في قناعتي علي كل السطحية والمحدودية وقصر النظر. إلي ذلك، نحن ننسي مع كبير الاسف ان شيخوخة الاهل في معظم الاحيان منوطة بالفتاة لا بالصبي. ننسي ان الفتاة هي الحنونة، ليس طبعاً لان الصبي يخلو بطبيعته من الحنان، ولكن في العادة البنت سباقة علي هذا الصعيد، وبالتالي فنحن ننسي اننا اذا ظلمنا المرأة في طفولتها، في مراهقتها، وفي زواجها، لا بل في كل المفاهيم البالية التي نقرنها بها، فسوف نخسر وزناتها ومواهبها لاحقاً. واذا كنا سنخسر كل هذه، لماذا لا ننتبه ايضاً كي لا نخسر حنانها في شيخوختنا. واذا ظلمنا المرأة في طفولتها فسوف ننقلها الي بيتها الزوجي ضعيفة خنوعة جبانة ايضاً. ولا اظن ان الرجال الحكمااء يفرحون في العمق بزوجة خنوعة. لا اظن ان رجلاً عاقلاً ينجذب إلي إمرأة مهشمة مرذولة منبوذة ومحتقرة.

بعد كل هذا، لما كانت الدورة الشهرية في حياة المرأة مسألة فيزيولوجية، ولا رأي للمرأة فيها، فلست اجد ما يمنع المرأة من القدوم إلي الكنيسة من اجل تقديم الشكر والعبادة لله، بعد ان تضع طفلها او طفلتها، لا بل في طمثها ايضاً. وعندنا في العهد الجديد احداثاً عديدة جرت مع الرب لابد ان تعتمد اساساً علي هذا الصدد: في انجيل متي: (وكان الاكلون خمسة الاف ما عدا النساء والاولاد.. مت 15: 38، متي 14: 21).الم تكن بعض من حضرن إلي لقاء السيد في فترة شهرية خاصة؟

في الحقيقة لابد لنا ان نعرف ان الكنيسة جسد المسيح مؤلفة من رجال ونساء، بنات وشباب، ذكور واناث. كنيستنا مليئة بالكواكب المنيرة من نساء  ورجال واطفال. عندنا في كنيستنا كتابان عظيمان: (اقوال الاباء الشيوخ) و(اقوال الامهات الشيخات). لقد عرفنا في كنيستنا اباء روحيين وامهات روحيات، لقد انجذببت قلوبنا الي اباء قديسيين وامهات قديسات. القداسة عندنا ليست حكراً علي الرجل دون المرأة، عندنا العظيمة اوفيميا وتقلا المعادلة للرسل، والعملاقة سنكليتيكي. وفي الذروة عندنا العذراء مريم كلية القداسة، والارحب من السماوات، والاسمي من الشاروبيم والسارافيم. من غير اللائق بعد كل ما ذُكر، ان يفكر احد باحتقار المرأة وعدم دنوها من القرابين لاعتبارات فيزيولوجية لا رأي لها فيها. فلتسلم مواقفنا وليسلم تفكيرنا وتعليمنا وقدوتنا، ان كنا مستقيمي الرأي.

الزواج بين الواقع والمرتجي، الاب واللاهوتي الارثوذكسي منيف حمصي، ط1 2010، ص 180: 191

 

 

+ لتحميل كتاب الزواج بين الواقع و المرتجي 

للاب منيف حمصي  كاملا pdf  

+اضغط هنا  لتحميل الاجابة في صورة ملف pdf من 10 ورقات