كتاب معني الزواج – مواحهة تعقيدات الزواج بحكمة اللة – تيموثي كلر وكاثي كلر
محتويات الكتاب
كتاب معني الزواج – مواحهة تعقيدات الزواج بحكمة اللة – تيموثي كلر وكاثي كلر
محتويات كتاب معني الزواج
الفصل 1 : هذا السر عظيم
الفصل ٢ : القوة الضرورية للزواج
الفصل ٣ : جوهر الزواج
الفصل ٤ : إرسالية الزواج
الفصل ٥ : محبة الغريب
الفصل ٦ : قبول الآخر
الفصل ٧ : العزوبة والزواج
الفصل ٨ : الجنس والزواج
الخاتمة
ملحق : اتخاذ القرارات بين الأدوار المختلفة للجنسين
الملاحظات
مقدمة كتاب معني الزواج
الله ، الصانع الأفضل لكل الزيجات ،
يجمع قلبيكما في قلب واحد .
وليم شيكسبير ، مسرحية هنري الخامس
كتاب للأزواج
أرجو أن تحسب هذا الكتاب أشبه بشجرة تغذيها ثلاثة جذور : الجذر الأول هو علاقتي الزوجية بشريكة حياتي كاثي التي بدأت قبل سبع وثلاثين سنة ، وقد ساعدتني زوجتي كثيرًا في تأليف هذا الكتاب ، وكتبت هي نفسها الفصل السادس منه بعنوان ” قبول الآخر ” . مع كوني في الفصل الأول أحذر القراء من الطريقة التي تعرف بها الثقافة المعاصرة مصطلح ” رفيق الروح ” ( Soul mate )
للإشارة إلى ” التوافق التام ” على نحو نادر الوجود ، أقول إني تعرفت إلى كاثي في البداية بواسطة أختها سوزان التي كانت تدرس معي في جامعة بكنل ( Bucknell ) .
كانت سوزان كثيرًا ما تحدث كاثي بشأني وتحدثني بشأن كاثي . أنت كاثي إلى الإيمان المسيحي من سلسلة روايات سي . أس . لويس ” عالم نارنيا ” ، وشجعت سوزي أن تقترح هذه الكتب علي . عندما قرأتها تأثرت بها كثيرًا وبكتابات لويس الأخرى التي درستها في ما بعد . وفي سنة ١٩٧٢ م ، التحق كلانا بالكلية نفسها وهي كلية لاهوت غوردون – كونويل في الشاطئ الشمالي لبوسطن ، وسرعان ما
اكتشفنا أننا نشترك في ” الخيط السري ” نفسه الذي يقول عنه لويس إنه ما يجعل الناس أصدقاء مقربين ، وربما يجعلهم أكثر من ذلك .
ربما لاحظت أن الكتب التي تحبها يجمعها كلها خيط سري واحد . إنك تعرف جيدًا السمة المشتركة بينها وبين ما يجعلك تحبها ، لكنك لا تستطيع أن تعبر عنها بالكلام . ألم تولد كل صداقات عمرك في اللحظة التي قابلت فيها أخيرًا إنسانًا آخر لديه الميل نفسه إلى هذه الأفكار ؟ … إلى ذلك الشيء الذي
كنت ترغبه منذ الميلاد … ؟
نمت علاقتنا ، وتحولت من صداقة إلى علاقة رومانسية ، ثم إلى زواج حديث هش ، تليه علاقة زوجية متينة صقلتها التجارب . هذا لم يحدث إلا بواسطة ما اجتزنا فيه من ” الكلام الذي كان يجب أن يُقال ” وصراعات حول رعاية الأطفال ، وتحطيم الأغراض الزجاجية ، وغيرها من الأحداث التي سوف نصفها في هذا الكتاب – كل علامات الطريق الوعر الذي سرنا فيه وصولًا إلى السعادة الزوجية الحقيقية . مثل غيرنا من الأزواج والزوجات في مرحلة الشباب في العصر الحديث ، اكتشفنا أن الزواج أصعب بكثير مما توقعناه . عندما انتهت مراسم الزواج في الكنيسة ، سرنا بين الصفوف على
ترنيمة ” ما أقوى الأساس ! ” ( How Firm a Foundation ) ولم نكن ندرك كيف أن الكلمات كانت بالفعل تدل على ما سوف نواجهه من عمل شاق لكي نؤسس زواجًا قويًا متينًا .
عندما يمر بكما الطريق … عبر التجارب الحارقات
تكفيكما نعمتي … فهي عون وسط الصعوبات
معكما سوف أكون الصديق … أقدس وأبارك في كل ضيق .
هذا الكتاب إذا هو للأزواج والزوجات الذين اكتشفوا أن الحياة الزوجية اليومية تكتنفها التحديات المستمرة ، وهي للذين يبحثون عن مصادر عملية تساعدهم على مواجهة ” التجارب الحارقات والنجاة بزواجهم . وليس ذلك فقط ، بل هو أيضًا للكيفية التي ينمون بها وينضجون وينمون زواجهم لكي ينضج على نار تلك التجارب . يستخدم مجتمعنا تعبير ” انتهاء شهر العسل ” للإشارة إلى الصعوبات التي تبدأ بالظهور في الزواج . وهذا الكتاب إذا لمن اختبروا هذه الخبرة حرفيا ، حتى إنَّهم شعروا بالسقوط من على قمة السعادة وارتطموا بقوة بأرض الواقع الصعب .
كتاب لغير المتزوجين
المصدر الثاني لهذا الكتاب هو خدمة راعوية طويلة في مدينة يسكنها الملايين ( وكنيسة يؤمها الآلاف من غير المتزوجين . يتميز شعب كنيستنا ، كنيسة الفادي المشيخيَّة في منهاتن ، بأمر فريد : أنَّ أغلب أبناء هذه الكنيسة الكبيرة هم من غير المتزوجين . منذ عدة سنوات ، عندما كانت كنيستنا تضم حضورًا
بنحو أربعة آلاف شخص ، سألت أحد الاستشاريين في شؤون الكنائس كم كنيسة تعرفها بحجم كنيستنا يحضر إليها بانتظام نحو ثلاثة آلاف رجل وامرأة من غير المتزوجين ؟ فأجاب قائلا : ” بحسب معلوماتي ، تنفرد كنيستكم بهذه الصفة ” .
عندما بدأنا الخدمة في قلب مدينة نيويورك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي ، واجهت وكاثي حقيقة أنَّ الثقافة الغربية في تلك الفترة كانت تحمل مشاعر متناقضة عميقة بشأن الزواج . في ذلك الوقت ، بدأنا بالاستماع إلى كل الاعتراضات المجتمعية على مؤسسة الزواج ؛ فهناك من يقول إنَّها ليست
سوى فكرة بشأن حقوق الملكية ، وآخر يقول إن الزواج يسحق الهوية الفردية ، وأيضًا من يقول إنَّ مؤسسة الزوج تقهر المرأة ، إضافة إلى من يقول إنَّ الزواج يخنق الحب وغير مناسب للواقع النفسي للبشر ، أو إنَّ الزواج ” مجرد ورقة ” لا تؤدي إلا إلى تعقيد علاقات الحب ، وغير ذلك . لكنك تستطيع أن تستشعر خلف كل هذه الاعتراضات الفلسفية بوجود مشاعر متضاربة وصراع نفسي عميق مصدره الكثير من الخبرات السلبية للزواج والحياة الأسرية .
في وقت مبكر من خدمتنا في مدينة نيويورك ، وبالتحديد في خريف عام ۱۹۹۱ م ، قدمت سلسلة عظات على مدى تسعة أسابيع متتالية عن الزواج . وظلت هذه السلسلة من أكثر مجموعات العظات استماعًا حتى وقتنا الحالي .
كان علي في البداية أن أقدم مجموعة من المبررات لتخصيص كل هذه الأسابيع عن الزواج لشعب أغلبه من غير المتزوجين . كان المبرر الرئيس عندي هو أن غير المتزوجين في عصرنا الحالي يحتاجون إلى رؤية عن الزواج واقعية جدا عميقة الجلال في الوقت نفسه ، وأظُنُّ أنَّ ما قلته وقتها ما يزال يناسب القراء من غير المتزوجين في وقتنا الحالي ، لذلك فإنَّ هذا الكتاب هو كتاب لغير المتزوجين أيضًا .
في أثناء الإعداد لكتابة هذا الكتاب قرأت كتبا مسيحية عدة عن الزواج ، وأغلب هذه الكتب وُضِعَ لمساعدة الأزواج والزوجات على مواجهة المشكلات المختلفة للزواج . سيكون هذا الكتاب مفيدًا أيضًا في هذا الصدد ، لكن هدفه الأساسي هو تقديم رؤية كتابية للزواج إلى المتزوجين وغير المتزوجين . وسوف يساعد هذا المتزوجين في تصحيح بعض الأفكار الخاطئة والتي يمكن أن تكون مضرة بشأن الزواج ، كما سوف يساعد غير المتزوجين أيضًا في التوقف عن الرغبة المدمرة في الزواج ، أو العزوف المدمر عنه . إنَّ من شأن كتاب عن الزواج مبني على الكتاب المقدس أن يساعد كل قارئ أن تكون له فكرة أفضل عن رفيق المستقبل .
كتاب عن الكتاب المقدس
هناك مصدر ثالث لمادَّةِ هذا الكتاب ، وهو المصدر الأساس . مع أنَّ هذا الكتاب مؤسس على خبرتي الشخصية في الزواج والخدمة ، فهو مؤسس أيضًا بصفة أكبر على تعاليم الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد . منذ نحو أربعة عقود ، عندما كنا طلبة في كلية اللاهوت ، درست وزوجتي كاثي التعاليم
الكتابية بشأن الجنس والهوية الجندرية والزواج . وفي السنوات الخمس عشرة التالية ، طبقنا هذه التعاليم في زواجنا . ثم في السنوات الاثنتين والعشرين الماضية ، استخدمنا ما تعلمناه من الكتاب المقدس وخبرتنا الشخصية لترشد ونشجع ونقدم المشورة والتعليم إلى الأزواج والزوجات الذين يعيشون في مدينتنا بشأن هذه الأمور . وها نحن نقدم ثمار هذه الروافد في هذا الكتاب .
لكن المصدر الأساس للجميع هو الكتاب المقدس .
في الكتاب المقدس توجد ثلاث مؤسسات إنسانية تتمايز بعضها عن بعض : الأسرة والكنيسة والدولة . لا يوجد كلام في الكتاب المقدس عن الكيفية التي ينبغي أن تُدار بها المدارس ، حتى لو كانت هذه المؤسسات عميقة التأثير في المجتمع ، ولا يوجد كلام في الكتاب المقدس عن الشركات التجارية أو المتاحف أو المستشفيات . في الواقع ، يوجد الكثير من المؤسسات والمشروعات الإنسانية العظيمة التي لا يتكلم عنها الكتاب المقدس ، ولا يقدم إرشادات بشأن إدارتها . لذلك لدينا الحرّية أن نخترع هذه الإرشادات ونطبقها بما يتفق مع الخطوط العريضة التي رسمها لنا الكتاب المقدس عن الحياة الإنسانية عمومًا .
أما الزواج فمختلف . يذكر كتاب ” الصلوات العامة ” أنَّ الله أسس نظام الزواج لأجل سعادة الجنس البشري ورفاهيته ” . لم يتطور الزواج في العصر البرونزي ليكون طريقةً لتنظيم حقوق الملكية . في ذروة قصة الخلق في سفر التكوين ، نرى الله يربط الزوج والزوجة معًا برباط زوجي . يبدأ الكتاب
المقدس بحفل زفاف ( آدم وحواء ) وينتهي في سفر الرؤيا بحفل زفاف ( المسيح والكنيسة ) . الزواج فكرة إلهية ، مع كون الزواج مؤسسة إنسانية تعكس سمات الثقافة الإنسانية التي يوجد فيها ، لكن مفهوم الزواج وأصوله نابعة من عمل الله ، لذلك فإنَّ ما يقوله الكتاب المقدس عن تصميم الله للزواج غاية في الأهمية .
تقول خدمة الزواج إنَّ ” الله أسس الزواج ورسم له قواعده ووصاياه ، وباركه ربنا ومخلصنا يسوع المسيح ” . ما يؤسسه الله ، هو ينظمه أيضًا . إذا كان الله قد اخترع الزواج ، فإنَّ من يدخلونه يجب أن يبذلوا كل جهد لكي يفهموا قصد الله من الزواج ويخضعوا له . إننا نفعل ذلك في نواح كثيرة من حياتنا.
عندما تفكر في شراء سيارة ، مثلا ، فمن الواضح أنك تدرك عدم استطاعتك أن تصنع محركها أو تفهم تركيبه وصيانته أكثر من الصانع ، لذلك فإنَّك تَتَّبِعُ
القواعد والإرشادات التي يقدمها لك الصانع في دليل المستخدم بشأن كيفية الاستخدام والصيانة ، وإذا تجاهلت هذه الإرشادات ، فسوف تدفع الثمن .
كثير من الذين لا يعترفون بالله أو بالكتاب المقدس ، ويختبرون زيجات سعيدة ، هم في الواقع يعيشون مقاصد الله من الزواج ، سواء أدركوا أن هذه هي مقاصد ووصايا الله أم لا . من الأفضل جدا أن نكون واعين بهذه المقاصد ، وأن نتبعها عن معرفة وإدراك . أما أين نجد هذه الوصايا والإرشادات ؟
فبالتأكيد في أسفار الكتاب المقدس .
ماذا إذا أردت أن تقرأ هذا الكتاب ، وفي الوقت نفسه لا تشاركني فرضية أن الكتاب المقدس هو الإعلان الإلهي وصاحب السلطان على حياة الإنسان ؟
ربما تكن بعض الاحترام والتقدير للكتاب المقدس بصورة ما ، لكنك لا تثق به في قضايا مثل الجنس أو الحب أو الزواج . ربما لا تتماشى الحكمة القديمة التي يقدمها الكتاب المقدس في هذه الموضوعات مع المزاج الغربي المعاصر ، لذلك فهو يمتلك سمعة أنه ” حازم ” في ما يتعلق بهذه الأمور . على العموم، أشجعك أن تمنح هذا الكتاب فرصة . على مدار السنوات الطويلة ، علمتُ وكاثي الكثير عن الزواج ، كما تكلمت عن الزواج في عدد لا يحصى من مراسم الزواج . وقد اختبرنا كيف أنَّ أغلب الناس ، الذين لا يشاركونا اعتقادنا في الكتاب المقدس أو الإيمان المسيحي ، يُصدمون بمدى قدرة تعليم الكتاب المقدس على اختراق صميم القضية ، ومخاطبة المواقف المختلفة التي تواجه الأزواج والزوجات . كثيرًا ما كان الأفراد يقولون لي بعد انتهاء مراسم الزواج ” إننا لسنا متدينين ، لكن هذا الشرح كان أفضل الشروحات التي سمعناها عن الزواج من حيث الفائدة العملية ” .
من الصعب الحصول على منظور جيد عن الزواج . كلنا ننظر إليه من خلال عدسات مشوهة بصورة أو بأخرى . إذا كنت قد أتيت من أسرة هادئة مستقرة حيث كان والداك يتمتعان بزواج ناجح ، فقد يجعل ذلك يجعل الأمر ” يبدو سهلا ” لك ، لذا عندما تتزوج تُصدم بالكم الهائل من العمل الذي تتطلبه إقامة علاقة زوجية مستقرة دائمة . على الجانب الآخر ، إذا كنت قد اختبرت في أسرة المنشأ زواجًا سيئًا أو طلاقًا ، سواء في مرحلة الطفولة أم الرشد ، فإن نظرتك إلى الزواج سوف تكون سلبية متشائمة أكثر من اللازم . ربما تتوقع المشكلات أكثر من اللازم ، حتى إنها عندما تظهر ، تقول ” ها هي ، ها قد بدأنا ” ، وربما تيأس من البداية . بكلمات أخرى ، أية خلفية عن الزواج يُمكنها أن تجعلك غير مؤهل لمواجهة صعوباته .
إلى أين نذهب إذا لكي نحصل على رؤية شاملة للزواج ؟ توجد الكثير من الكتب الإرشادية المفيدة عن الزواج ، عادةً ما يكتبها المشيرون المتخصصون . مثل هذه الكتب ربما لا تواكب التغيرات المجتمعية السريعة .
أما الكتاب المقدس ، ففيه تعاليم اختبرها ملايين البشر على مر القرون في إطار ثقافات متعددة . هل لدينا مصدر عن الزواج مثل ذلك ؟
خُطَّة هذا الكتاب
تعتمد مادة هذا الكتاب على الفقرة التي كتبها الرسول بولس في الأصحاح الخامس من رسالته إلى أهل أفسس ، ليس فقط بسبب غناها واكتمالها في حد ذاتها ، بل لأنها ترتبط بنص آخر بالغ الأهمية عن الزواج وتشرحه ، وهو الأصحاح الثاني من سفر التكوين . في الفصل الأول من هذا الكتاب سنضع تناول بولس للزواج في سياقنا الثقافي المعاصر ، وسنطرح الفكرتين الأساسيتين للتعليم الكتابي عن الزواج في الكتاب المقدس : أنَّ الزواج فكرة إلهية ، وأنَّ الله صمَّم الزواج لكي يكون انعكاسًا لمحبة الله المخلصة للبشر في شخص يسوع المسيح . لذلك يساعدنا الإنجيل أن نفهم الزواج ، ويساعدنا الزواج أن نفهم الإنجيل . وسنقدم في الفصل الثاني فكرة بولس الرسول عن أن الأزواج والزوجات يحتاجون إلى عمل الروح القدس في حياتهم ، حيث إن عمل الروح القدس يجعل من العمل الخلاصي للمسيح حقيقة فاعلة في قلوبنا ، مانحًا إيانا قوَّةً فائقة للطبيعة في مواجهة العدو الأساس للزواج :
الانحصار الخاطئ في النفس . إنَّنا نحتاج إلى ملء الروح لكي نستطيع أن نحب ونخدم بعضنا بعضًا كما ينبغي لنا .
ثم يدخل الفصل الثالث في صميم ما يعنيه الزواج : الحب . لكن ما تعريف الحب ؟ يناقش هذا الكتاب العلاقة ما بين مشاعر الحب وأفعاله ، وما بين العلاقة الرومانسية العاطفية من جهة ، وعلاقة التزام العهد من جهة أخرى . بعدها يجيب الفصل الرابع عن سؤال : ما هدف الزواج ؟ هو أشبه بطريقة يساعد بها صديقان روحيان بعضهما بعضًا في رحلتهما الروحية لكي يكونا ما أراده الله لهما أن يكونا . هنا سوف نرى وجود نوع جديد عميق من السعادة يكمن في تحقيق المزيد من قداسة الحياة . أما الفصل الخامس فيقدم ثلاث مجموعات أساسية من المهارات التي يمكن أن نساعد بها بعضنا بعضًا في تلك الرحلة .
يناقش الفصل السادس التعليم المسيحي وأن الزواج هو المكان الذي يقبل فيه الجنسان بعضهما بعضًا بوصفهما نوعين مختلفين من البشر ، ويتعلمان أن ينميا روحيا ووجدانيا بواسطة ذلك الاختلاف . يساعد الفصل السابع غير المتزوجين أن يستخدموا المادة التي يطرحها هذا الكتاب لكي يعيشوا حياة عزوبية جيدة ويفكروا بحكمة في الزواج . أخيرًا ، يتناول الفصل الثامن موضوع الجنس والسبب أنَّ الكتاب المقدس اقتصره على الزواج ، والكيفية التي تطبق بها الرؤية الكتابية إذا تبنيناها على كل من الزواج والعزوبة .
في هذا الكتاب ، سنفحص الفهم المسيحي للزواج والمبني ، كما أوضحنا ، على القراءة الواضحة المباشرة للنصوص الكتابية . ويعني هذا أنَّنا نُعرّف الزواج بوصفه علاقة ما بين رجل واحد وامرأة واحدة طوال العمر . وبحسب الكتاب المقدس ، صمم الله الزواج لكي يخلق مجتمعًا إنسانيًا مستقرًا يولد فيه
الأطفال وينمون ، ويحدث كل هذا بواسطة التكامل والاتحاد المستمرين ما بين النوعين البشريين . علينا أن نقول إذا إنَّ الرؤية المسيحية للزواج ليست أمرًا يمكن أن يحققه شخصان من الجنس نفسه . هذا هو الرأي الذي يشترك فيه كل كتاب أسفار الكتاب المقدس ، لذا فهو الرأي الذي نفترضه في ما تبقى من هذا الكتاب ، وإن كنا لن نتناول هنا مسألة المثلية الجنسية تحديدًا .
لا يعكس تعليم الكتاب المقدس عن الزواج منظورًا ثقافيًا أو عصرًا معينًا . تتحدى هذه التعاليم ثقافتنا الغربية المعاصرة ، لا سيما سرديتها الخاصة التي تحسب الحرية الفردية السبيل الوحيد إلى السعادة . وفي الوقت نفسه ، إنَّ الكتاب المقدس ينتقد أيضًا الثقافات التقليدية التي تحسب الراشد غير المتزوج
أقل من حيث النضج والتكوين . ينتقد سفر التكوين بصورة جذرية مفهوم تعدد الزوجات ، على الرغم من أنه كان أمرًا مقبولا في الثقافة المعاصرة في ذلك الوقت ، وذلك بتوضيحه للمساوئ الكثيرة لهذا النظام وتأثيراته السلبية في العلاقات الأسرية ، والألم الذي يتسبب فيه لا سيما للنساء . كما أن كتاب
العهد الجديد صدموا العالم الوثني المعاصر لهم بحسبان العزوبة المستمرة خيارًا مشروعًا للحياة . بكلمات أخرى ، مثلت أسفار الكتاب المقدس تحديًا مستمرا لتلك الثقافة المعاصرة ، حيث لم تكن هذه الكتابات نابعة من مقاييس تلك الثقافات ومعتقداتها . لذلك فإننا لا نستطيع ببساطة أن نتجاهل المنظور
الكتابي للزواج ونحسبه منظورًا ثقافيًا متخلفًا عفاه الزمن . على العكس ، فإنَّ هذا المنظور يقوم على أفكار ثاقبة عملية واقعية مبهرة عن الزواج . ولا تأتي هذه الأفكار الثاقبة في صورة فرضيات نظرية ، بل بواسطة قصص مبدعة وأشعار مؤثرة . لن نستطيع أن نتخذ اختيارات واعية بشأن مستقبلنا الزوجي إن لم ننظر إلى الزواج من عدسة الكتاب المقدس بدل عدساتنا التي يشوهها الإفراط في القلق ، أو الأحلام الرومانسية ، أو خبراتنا السابقة .