كتب لاهوت وعقيدة مسيحيةاسرار الكنيسة

كتاب المسيح في سر الإفخارستيا – ابونا القمص تادرس يعقوب ملطي

كتاب المسيح في سر الإفخارستيا – ابونا  القمص تادرس يعقوب ملطي

كتاب المسيح في سر الإفخارستيا -f-sr-el-afarstya
كتاب المسيح في سر الإفخارستيا

كتاب المسيح في سر الإفخارستيا – ابونا  القمص تادرس يعقوب ملطي

الإفخارستيا والحياة الإفخارستية(24)

إذ أراد الفيلسوف الألماني المادي فيبرخ أن يجرد الإنسان من إنسانيته وعواطفه وروحانياته قال إن “الإنسان هو ما يأكله”. ونحن نقول أن الكتاب المقدس أعلن أيضًا أن الإنسان كائن جائع، يقدم له الله ما في العالم لكي يأكل فيشكر.

وكأن الإنسان كاهن يتقبل من يدي الله العالم كهبة إلهية يتحسس فيها أبوة الله ومحبته، مقدمًا حياته كلها كذبيحة أفخارستية “شكر” وحمد… لكن أحب الإنسان العالم خارج الله “وتعلق به” فقبل العطية دون العاطي. وبهذا تقوقع الإنسان حول ذاته كمركز للعالم لا يطلب إلاَّ ملذاته الأرضية. فخسر علاقته بإلهه ولم يعد حياته أفخارستية، بل ولا يستطيع أن يمارس الحياة الإفخارستية حتى وإن نطق بشفتيه تسابيح الحمد والإفخارستيا.

من أجل هذا لبس الكاهن الحقيقي، ابن الله، ناسوتنا، وإذ هو وحده الخالق الذي لا يقدر العالم أن يأسر قلبه أو يعزله عن أبيه، يستطيع أن يقدم ذبيحة الإفخارستيا عنا، لا بالصلاة  فحسب بل وبالعمل، مقدمًا جسده ودمه المبذولين ذبيحة شكر للآب، لهذا في ليلة آلامه “أخذ خبزًا وشكر… وأخذ الكأس وشكر”(25).

وإذ ائتمن كنيسته على هذا السرّ، قدم حياته التي لا تعرف جحودًا هبة لها تحيا بها، وبهذا تشفي جراحات الجحود التي أصابت الإنسان الجائع، وتعود إليه الحياة الإفخارستيا.

لقد كان اسم “الإفخارستيا” هو الاسم المحبوب لدى آباء الكنيسة خلال القرنين الأول والثاني، يطلقونه على التقديس المسيحي(26).

وستلمس بنفسك في كتابات الآباء(27) ونصوص الليتورچيات(28) كيف تركزت صلوات الليتورچية حول “شكر الله الآب خلال ابنه” من أجل أعماله معنا في الخليقة الأولى وتدبيره خلاصنا… وتقديم هذا السرّ لنا. وتجد في جميع الليتورچيات أن “الإفخارستيا” أو الشكر يسيطر على كل الطقس من بدايته حتى نهايته…

فمثلاً غالبًا ما تبدأ صلوات القداس بالعبارة “فلنشكر (أفخارستومين) الرب” فيجيب الشعب “مستحق ومستوجب…”.

ويعلق الأب شميمان على هذا بقوله: “إذ يقف الإنسان أمام العرش الإلهي… يعود إليه الفرح، فلا يجد لديه ما يقدمه سوى (الشكر). فالإفخارستيا هي حالة الإنسان الكامل، هي الحياة في الفردوس(29)“. ونحن في القداس الإلهي نلبس المسيح، الكامل وحده، إذ به نعود إلى الفردوس بالتهليل، مقدمين بالحق تسبحة الشكر اللائقة به.

 

 

اضغط هنا للتحميل