الكتاب المسيحيأخبار عن الكتاب المسيحيتلخيص واقتباسات ومراجعات

ملخص كتاب Patriarch Dioscorus of Alexandria – دكتور ابراهيم ساويرس

ملخص كتاب Patriarch Dioscorus of Alexandria - دكتور ابراهيم ساويرس

ملخص كتاب Patriarch Dioscorus of Alexandria – دكتور ابراهيم ساويرس

Patriarch Dioscorus of Alexandria: The Last Pharaoh and Ecclesiastical Politics in the Later Roman Empire
Patriarch Dioscorus of Alexandria: The Last Pharaoh and Ecclesiastical Politics in the Later Roman Empire

 

ملخص كتاب Patriarch Dioscorus of Alexandria – دكتور ابراهيم ساويرس

 

Patriarch Dioscorus of Alexandria:

The Last Pharaoh and Ecclesiastical Politics in the Later Roman Empire

      

أنهيت قراءة فصلين، أيّ أكثر من نصف كتاب

Patriarch Dioscorus of Alexandria: The Last Pharaoh and Ecclesiastical Politics in the Later Roman Empire
الكتاب صدر هذا الشهر عن جامعة أوكسفورد العريقة، وعندي انطباعات أود أن أشاركها مع متابعي الصفحة قبل أن أعود لقراءة مفصلة له أو ما هو أكثر من ذلك لاحقًا.
– الكتاب لغته الإنجليزية بديعة للغاية، والمؤلف مسرف في استخدام مصطلحات يونانية ولاتينية، وهو يحمد على ذلك، لأنه لو أعطى مساحة لمناقشة كل هذه المصطلحات لجاء الكتاب أضخم، وهو كتاب متوسط الحجم حوالي 200 صفحة دون الفهارس والمقدمات.
– الكتاب مكثف للغاية، كل فقرة فيه تقدم جديدًا مهمًا ومؤثرًا. كتاب أكاديمي على أعلى مستوى ممكن.
– الكتاب غني جدًا بالمصادر الأصلية، وفي كل حرف يقتبسه الرجل هناك مصدر واثنين وثلاثة، والأهم أنه من حين لآخر يراجع بعض تفسيرات وترجمات العلماء الذين سبقوه للمصادر، وهو يميز في حالة البابا ديسقورس بين المصادر التي تناولته في زمنه، والمصادر القبطية والعربية التالية له، والتي كان ديسقورس بشخصيته البطولية قد استقرت فيها في ذهن الرواة.
– أهم ما يقتبسه الكتاب هو المحاضر الأصلية للمجامع المسكونية، وبالأخص مجمع خلقيدوينه، وهو أحيانًا يناقش النص الأصلي، وأحيانًا يقتبس الترجمة الإنجليزية البديعة التي صدرت عن جامعة ليفربول، وكنت قد أشرت لها سابقًا، وأشرت إلى حاجة اللغة العربية لترجمتها. (راجع الصفحة).
– يناقش الكتاب عدة قضايا مهمة وخطيرة وحساسة، ربما لم تأخذ الاهتمام الكافي في غيره من كتب، بغض النظر عن النتائج التي وصل لها المؤلف، والتي ستثير الكثير من الجدل ولن ترضي القبط أبدًا. من هذه القضايا مثلا موضوع خلافة البابا ديسقورس للبابا كيرلس الكبير. في هذه النقطة في الفصل الثاني، يأتي المؤلف Volker L. Menze على ذكر عدد من الشخصيات الثانوية من عائلة البابا كيرلس الكبير، ويشرح دورهم في مناوئة البابا ديسقورس. فقد كان -في وجهة نظر المؤلف- البابا كيرلس قريب بالجسد للبطريرك الذي سبقه، وكان في نية العائلة الكيرلسية أن يكون أحد أفرادها خليفته. يشرح المؤلف ذلك بالتفصيل من خلال أدلة تتعلق بأربعة شخصيات من أقرباء البابا كيرلس الكبير كانوا في الاكليروس، وكان لهم دور في إدارة موارد كنيسة الإسكندرية. ومن هنا ينطلق المؤلف لفكرة مدى الغنى المالي لكنيسة الإسكندرية، وهل كان للمال دور في صراعات خلافة البابا كيرلس. بل يذهب المؤلف أبعد من ذلك، ويقدم أدلة عن كميات الأموال في ما يسميه إيبارشية الإسكندرية آنذاك. ويطرح في ثنايا ذلك أسئلة أعمق عن مدى قدرة البابا كيرلس على إدارة الكنيسة في سنواته الآخيرة ونوعية مرضه واعتماده على أقربائه وثقته فيهم …. إلخ.
– يظهر بعد ذلك البابا ديسقورس، بشخصيته التي لا يُعرف عنها الكثير قبل توليه الكرسي البطريركي. يبدو أن الرجل كان في الخدمة منذ مصغره، وأنه تولى الكرسي شيخًا في حوالي الستين من عمره. ويبدو أن خلافات ما كانت بينه وبين بعض أفراد العائلة الكيرلسية. وهنا يناقش المؤلف نقطة مهمة هي دور رئيس الشمامسة في كنيسة الإسكندرية آنذاك، وخصوصًا دوره في عملية اختيار البطريرك، وهذه نقطة مهمة جدًا وأورد المؤلف عند مناقشتها كم مهول من المراجع. وكان استنتاجه أن دور رئيس الشمامسة كان أكبر كثيرًا حتى من الكهنة في هذا الشأن، وأنه كان يلي الأسقف في بعض الترتيبات، وخاصة فيما يتعلق بالأمور المالية.
– من ضمن النقاط المهمة في النصف الأول من الكتاب، هي تفاصيل مجمع خلقيدونيه، والدور الذي لعبه الأنبا شنودة والرهبان بصورة عامة في الجدل اللاهوتي. يناقش الكاتب بالتفصيل عدد الأساقفة المصريين الذين سافروا مع البابا ديسقورس إلى المجمع، بل إنه يذكر المتاح من معلومات عنهم وعن إيبارشياتهم. لاحظ يا عزيزي أن الكتاب غني جدًا جدًا في هوامشه، ويفتح شهية أي باحث مجتهد لدراسة عشرات القضايا والتفاصيل في هذه الفترة من تاريخ مصر والكنيسة. لاحظ المؤلف مثلًا أن أغلب المسافرين مع البابا ديسقورس من أساقفة الدلتا.
– المهتمون باللاهوت أيضا سيجدوا ما يشبعهم في الكتاب، صحيح أن المؤلف لا يعطي هذا الجانب من المناقشات المساحة الأكبر، لكنه يوثق رأي البابا ديسقورس العقيدي في طبيعة المسيح كما أعلنه أمام المجمع، كما يوثق إخلاصه لآراء سلفه كيرلس الكبير. وبعد أن حرم المجمع البابا ديسقورس في جلسته الثالثة، ينبري المؤلف بمهارة ليشرح ردة فعل الأساقفة المرافقين له. وهذه نقطة شديدة الأهمية في النصف الأول من الكتاب. الغالبية العظمى من الأساقفة المصريين حاولوا طلب الصفح من المجمع عن رئيس أساقفة الإسكندرية (البابا) ديسقورس. فيما يبدو أن إثنين منهم على الأقل كانوا راضين بقرار المجمع ضد البابا ديسقورس، ولعل ذلك راجع للخلافات القديمة مع العائلة الكيرلسية.
– عندما يكون الأمر قاطع في المصادر، يكون المؤلف صارم في التعبير عن الأمر. بأن كذا قد حدث. والعكس حينما تكون المصادر غير قاطعة فإن المؤلف بكل أمانة يترك الأمر مفتوحًا، مهما كانت النقطة التي يناقشها مهمة في سرديته التاريخية أو هامشية. فقط ظل لصفحتين يناقش اسم إيبارشية أحد الأساقفة المسافرين مع البابا ديسقورس، وأين تقع؟ وبرغم عدم تأثير ذلك في الخط الرئيس للأحداث، إلا أنه لم يهملها بل ناقشها جيدا وأورد آراء من ناقشوها قبله.
سأكتفي هنا بهذه الملاحظات على مضمون الكتاب، لكني أود بكل أمانة أن أقول أن الكتاب مهم للغاية وسيظل يثير الجدل لسنوات قادمة، بل إنه سيتحول لحجر زاوية في التخصص كله، ولن يستطيع باحث في المستقبل القريب أن يقترب من هذه الفترة إلا أن يمر من خلال هذا البحث المهم والموثق والأمين.
– بالتأكيد تلزمنا ترجمة عربية لهذا الكتاب، يسعدني أن أقوم بها إن كانت هناك جهة تستطيع شراء حقوق الكتاب بشكل رسمي ومحترف. فالكتاب لا يعالج فقط قضية متعلقة بتاريخ مصر وتاريخ الكنيسة لكنه يُعلّم الباحثين كيف يعاملون مصادرهم ويستنطقونها بحيادية. وهي قضية نحتاجها جدًا في مصر، والأهم أن تصدر ترجمة عربية مدققة تشرح هذه الفترة من تاريخنا، وتسهم في فهم مصطلحاتها وتفاصيلها وتزيد معرفتنا بشخوصها الثانويين، لا أن تكون مثل ترجمات كثيرة في السوق، يعود المرء للأصل بعد صفحتين منها.
 
– أخيرًا أدعو مخلصًا الأصدقاء من أهل التاريخ في الكنيسة القبطية لفحص هذا الكتاب بدقة، وفحص مراجعه. لعل الفائدة منه تعم.
 
دكتور ابراهيم ساويرس