الكتاب المسيحي

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي – جوزيف راتسنجر – الفكر المسيحي بين الامس واليوم – pdf

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي – جوزيف راتسنجر – الفكر المسيحي بين الامس واليوم – pdf

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي
قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي

 

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي

تأليف جوزيف راتسنجر

اعداد: بسام دعيبس

 

يسرني ونحن نعيش سنة الايمان، كما نعيش الايام الاخيرة من حبرية قداسة البابا الجزيل الوقارعلى كرسي بطرس، ان اسلط الضوء على كتابه الروحي مدخل الى الايمان المسيحي، عسى ان يكون ذلك داعما لايماننا، وكما كان قداسته راسخا بالايمان، نراه اليوم راسخا بحب الكنيسة واتباعها على امتداد العالم، متخذا وبمحض ارادته المستقلة قراره الشجاع بالاستقالة بسبب كبر العمر، ليفسح المجال لغيرة لمزيد من العمل والعطاء في حقل الرب والكنيسة والمؤمنين، متمنبا لقداسته المزيد من الايمان والصلاة والصحة والسكينة، ولخلفه القادم كل توفيق ونجاح

يحمل كتاب مدخل الى الايمان المسيحي لمؤلفه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر الرقم 15 من سلسة كتب الفكر المسيحي بين الامس واليوم، وقد قام بترجمته الدكتور نبيل الخوري استاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية، وقدم له بطريرك انطاكية اغناطيوس حكيم، ويقع الكتاب في 381 صفحة من الحجم الكبير

يعالج الكتاب مواضيع ايمانية كثيرة منها الايمان في عالم اليوم، والوجه الكنسي للايمان، والايمان بالله حسب الكتاب المقدس والجهر به في حياتنا، والايمان بالله الواحد والثالوثي، والفرق بين اله الايمان واله الفلاسفة

ويركز قداسته في القسم الثاني من الكتاب على الايمان بيسوع المسيح على انه رب واحد ابن الله الوحيد، وان يسوع هو انسان حق واله حق، كما يتكلم عن صورة المسيح في قانون الايمان، ومنطق الجهر بالايمان بالصليب، ويتطرق الى طريق دراسة المسيح من خلال لاهوت التجسد ولاهوت الصليب، والى دراسة علم الخلاص، والمسيح الانسان الاخر

كما يشرح قداسته في القسم الثالث الروح والكنيسة، مركزا على الوحدة الداخلية في البنود الاخيرة من قانون الايمان المسيحي، وكذلك يجيب على تساؤلات حول العقيدة الدينية بخصوص الروح القدس والكنيسة، ومسائل اخرى متفرعة مثل الكنيسة المقدسة الكاثوليكية، وقيامة الاجساد

لقد قرأت الكتاب محاولا ان استوعب مضامينه، ولكني لا أنكر انه صعب الادراك والفهم، لاسيما وانه يعالج مسائل الايمان بطريقة لاهوتية عقائدية فلسفية متعمقة، ومع ذلك أود ان الخص بعض المعتقدات والشروحات التي وردت فيه، اّملا ان تفيدنا خاصة وان الانسان يقع بين الشك والايمان عندما نضع مسالة الله امامه

ان الايمان بايجاز هو ذلك الشي الذي يعطي حياة الانسان معناها، حيث يوفر لها قاعدة تركز عليها، وهو معنى أسبق من التفكير ومن العمل الانساني، ومن دون الايمان لا يستطيع الانسان أن يخطط ويعمل نظرا الى افتقاره الى الاساس الذي لا بد منه

ان اؤمن مسيحيا معناه أن اركن الى المعنى الذي يحمل وجودي ووجود العالم ايضا، وايماني هو بمثابة صخرة صلبة يمكنني الاستناد اليها دون خشية، واذا ما نظرنا الى قانون الايمان المسيحي فانه يبدأ بكلمة نؤمن وينتهي بكلمة اّمين، وهما الكلمتان اللتان تؤلفان ما يشبه الاطار الجامع لجميع القضايا الواردة بينهما، وتعبران عن البعد الداخلي لمضمون قانون الايمان بمجمله

ان الايمان لا يعني الاستسلام الاعمى للامعقول، بل العكس الذهاب باتجاه العقل والمعنى والحقيقة التي يجب ان تتكشف، وبالتالي فان ما يقصده المسيحي بموقفه الايماني يعبرعنه بكلمة صغيره هي اّمين والتي تعني الثقة، والاتكال على، والامانة، والرسوخ، والقاعدة المتينة، والوقوف على الحقيقة التي تمنح للايمان المعنى

ان الوجه الكنسي للايمان، ونشاة قانون ايمان الرسل جاء بناء على قول يسوع: اذهبوا الان وتلمذوا كل الامم، وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس، ومن هنا نرى الاسئلة التي تطرح اثناء العماد، هل تؤمن بالله الضابط الكل ؟ هل تؤمن بيسوع ابن الله؟ هل تؤمن بالروح القدس؟

ان قانون الايمان المسيحي هو صورة صادقة عن ايمان الكنيسة الاولية، وبعض الفروقات التي فيه بين الشرق والغرب ترمي الى ابراز بعض النقاط اللاهوتية ولا تشكل خلافا حول الايمان، وان هذا القانون ما هو الا رمز يدل دلالة عميقة على طبيعته الحقيقية، والغاية من صيغته العقائدية هي التوصل الى نمط مشترك من انماط المجاهرة بالله، والى طريقة واحدة في العبادة

ان الايمان المسيحي يعني المجاهرة بالايمان، والمشاركة في العبادة، التي تمارسها الجماعة، والانتماء الى الكنيسة، ومؤالفة الاخرين، وانه ليس فكرة بل حياة، وليس فكرا ينطوي على ذاته بل تجسد بل روح في جسد التاريخ والمجتمع، انه طاعة وخدمة، وتحرير للذات، الايمان ان اصبح حرا بانضوائي في خدمة الكل المطلق

كما ان الايمان بالله حسب الكتاب المقدس يعني الايمان باله الوعد، وليس قوة من قوى الطبيعة، اله يوجه الانسان نحو المستقبل والمعنى والهدف والرجاء، وهو كما عبر عنه يوحنا الانجيلي بان يسوع هو الاسم الحقيقي، والاله الحي الذي اصبح لحما من لحمنا ودما من دمنا ودخل حيز التواجد بينناعلى الدوام، ولم يعد مجرد كلمة نتعلق بها من الخارج، انه الاله الواحد الارفع الذي هو للكل والذي له الكل

ان الجهر بالله يعني الاعتراف بوجود الله، وان الاعتراف بوجود الله هو عبارة عن اليقين بان الفكر الموضوعي هو نتاج عقل ذاتي فائق، وان الوجود المعقول بالفكر يفترض وجود كائن اعلى عاقل خلف الكائنات المتعددة الموجودة، وان جوهر مفهوم الخلق يتمثل في صورة الروح الخلاق والفكر الخلاق، ومن هنا تبدو فكرة الحرية التي هي السمة المميزة للايمان المسيحي بالله تعالى، فالايمان المسيحي لا يرد اصل كل حقيقة واقعية الى وعي من النوع غير المعين بل الى حرية خلاقة هي بدورها تخلق حريات، ومن هنا تاتي فلسفة الحرية في المسيحية

ان الايمان بالله الواحد والثالوثي هوعقيدة لم تولد من تامل نظري في الله، او من محاولة فكر فلسفي، وانما جاءت نتيجة جهود انصبت على بعض الوقائع التاريخية، فالايمان الكتابي تعرف الى الله في العهد القديم، وفي العهد الجديد اظهر الله نفسه بشخص يسوع المسيح بصفته الها بالتمام والكمال، وان الوحدة المطلقة بينهما تتحقق فقط بالروح، وبالتالي فان الاعتراف بوحدانية الله هو موقف جذري في المسيحية

اننا نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد كما نصلي في قانون الايمان، ونعترف انه صلب ومات وقام، وعلينا ان نجهر ونفتخر بذلك، وان يسوع هو انسان حق واله حق، ونؤمن ان الله بالنسبة الى التاريخ هو في اخر المطاف، وهو بالنسبة الى الكينونة في بدء الامور، وان افق المسيحية تتوق شوقا الى المستقبل الذي سبق وان ظهر بالمسيح يسوع، وان رمز المستقبل هو الصليب المغطى بالدم والجروح

ان بنى الواقع المسيحي تقضي بان يكون الايمان المسيحي قائما على التزام الفرد من اجل المجموعة وليس من اجل نفسه، انه يعني الدخول الى ميدان العمل المشترك والاقلاع عن كل مركزية ذات، انها تعني الانضمام الى الوجود المتجه شطر يسوع المسيح وحمل الصليب وراءه، وان نحيا من اجل الاخرين، وان خلاص البشر يتم في المسيح وبصليبه افتدى الانسان ونال الخلاص الحقيقي

ان امتداد الايمان بيسوع يقودنا الى انه حبل به من الروح القدس، وولد من العذراء مريم، وانه تألم على عهد بيلاطس البنطي، ومات وقام في اليوم الثالث، وصعد الى السماء، وسياتي ليدين الاحياء والاموات ومن هنا يشرق فجر الرجاء في سماء الدينونة عندعودة الرب، وسينال النعمة من كان المسيح رفيق دربه في ايامه الارضية، وان قيامة الاجساد والحياة الابدية التي نختتم فيها قانون الايمان يجب ان تفهم هي ايضا كامتداد للايمان بالروح القدس وبقوته المبدلة التي ترسم اثره الاخير

ان خلاصة العبادة المسيحية تقوم على الايمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة لكن اعظمهن المحبة

اعداد: بسام دعيبس  – نقلا عن موقع ابونا 

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي

قراءة في كتاب مدخل الى الايمان المسيحي

 

 *._.* *._.* *._.*

(لتحميل كتاب مدخل

الي الايمان المسيحي

اضغط هنا